رسالة إلى كل شاب مسلم ..
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً به وتوحيداً.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم تسليماً مزيداً. ثم أما بعد:
فهذه رسالة أوجهها إلى شاب مسلم.
إلى ذلك الشاب الذي خلع عباءةالإسلام ورداءه, إلى ذلك الشاب الذي يقف على الناصية والسلسلة في صدره والإنسيال في يده , إلى ذلك الشاب يشرب المخدرات ويعاكس الفتيات في الطرقات, إلى ذلك الشاب الذي يقضي يومه وليلته في سماع الأغاني والموسيقي..
أخي الشاب:
من أنت وماذا تريد وما هو دورك في الحياة؟
أتعرف إجابة هذه الأسئلة؟
أراك قد تحيرت في الإجابة على الرغم من أنها واضحة جلية..
من أنت؟ شاب مسلم، ماذا تريد؟ السعادة في الدنيا والآخرة, ماهو دورك في الحياة؟ العمل على تحقيق هذا الهدف الثمين.. إنه الإجابة السليمة ولو حدت عنه بأفعالك وأقوالك, إنها الإجابة السليمة ولو تحيرت وتخبطت وقلت كما يقول القائل: جئت لا أعلم من أين أتيت ولكني أتيت.. وللأسف إن هذا حال أكثر شباب اليوم, لايعرف من أين أتى وإلى أي مصير يسير؟
أما والله لوعلم الأنام لما خلقوا لما غفلوا وناموا
لقدخلقوا ليوم لو رأته عيون قلوبهم ساحوا وهاموا
ممات ثم حشر ثم نشر وتوبيخ وأهوال عظام
ليوم الحشر قد عملت أناس فصلو من مخافته وصاموا
ونحن إذا أمرنا أو نهينا كأهل الكهف أيقاظ نيام
أخي الشاب:
متي تنتبه من غفلتك؟.. متي تستيقظ من رقدتك؟ هل تظن أن الله عز وجل خلقك في هذه الدنيا من أجل اللهو واللعب؟، هل تعتقد أن دورك في الحياة أن تلبس الملابس الضيقة وتحلق علي الموضة و تتسكع في الطرقات مع الفتيات؟ إن الله عز وجل سائلك عن عمرك كافة وعن شبابك خاصة، اسمع لما قاله المصطفي صلى الله عليه وسلم: « لاَ تَزُولُ قَدَمَا ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ » وتأمل في هذه البلا غة النبوية.. فقد ذكر العمر ثم ذكر الشباب بعد العمر مع أن الشباب مرحلة من مراحل العمر.
قال العلماء: ذكر الخاص بعد العام يفيد الأهمية، ولأهمية هذه المرحلة من العمر سيسألك الله عنها خاصة..
فماذا أنت قائل لربك غداً حين يسألك عن شبابك. فيما أبليته؟ فيما ضيعته؟
في اللهو واللعب أم في طاعة الله جل وعلا؟ في السهرات والحفلات أم في مناجاة المولى في الخلوات؟ في المقاهي والملاهي أم في طلب العلم والدعوة إلي الله؟
أخي الشاب: إن مرحة الشباب من أهم مراحل العمر فهي مرحلة القوة بين ضعفين قال الله عز وجل : {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} [الروم:54].
لقد كنت ضعيفاً في طفولتك فأعطاك الله قوة في شبابك، ولكن اعلم أن هذه القوة ستؤل حتماً إلى ضعف
لكل شيء إذا ما تم نقصان فلا يغر بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدته دول من سره زمن سائته أزمان
كم من أناس غرهم الشباب وانفلت منهم دن أن يحصلوا فيه شيئاً من أمور دينهم أو حتي من أمور دنياهم وانقلبو بعد اللهو واللعب إلي الحسرة والندامة.
ولسان حالهم يقول:
ألا ليت الشباب يعود يوماً فأخبره بما فعل المشيب
ولكن هيهات هيهات أن يعود ما فات وكم من أناس عرفوا قيمة الشباب فرعوه حق رعايته
أتعرف قصة أًصحاب الكهف؟ أتعرف من أبطال هذه القصة؟ إنهم شباب لكن ليسوا كشباب اليوم الذين لا يعرفون إلا الرقص والغناء, إنهم فتية أمنوا بربهم.. أمنوا بربهم فهانت عليهم الدنيا بما فيها من قصور فارهة ونعيم زائل فنالوا شرف الذكر في كتاب الله و أنزل الله فيهم قرآناً يتلي إلى قيام الساعة.
أتعرف قصة الغلام والراهب؟ لقد تحدث عنها القرآن وبينتها السنة.
كان هناك ملك كافر يحكم شعباً لا يؤمن بالله وكان له ساحر عجوز طلب من الملك أن يرسل إليه غلاماً ذكياً ليعلمه السحر فأرسل الملك إليه غلاماً صغيراً وكان الغلام يمر في طريقه على راهب يتعلم منه الإيمان والتوحيد..
وهذا حاله في كل يوم يمر على الراهب ليعلمه الدين ويذهب إلى الساحر ليعلمه الكفر برب العالمين, وافتضح أمر الغلام عند الملك فهدده الملك إما أن ترجع عن دينك أو أقتلك
فقال الغلام لا أرجع عن ديني, فأرسله الملك مع بعض جنوده وأمرهم أن يصعدو به الجبل فإن رجع عن دينه وإلا قذفوه من فوق الجبل. فلما صعدوا قال الغلام: اللهم اكفنيهم بما شئت فارتج الجبل فسقط الجنود ونجا الغلام, ولكن ماذا بعد أن نجا؟ هل هرب؟
لو كان أحدنا مكانه كان أقل مايمكن أن يفكر فيه أن يهرب, أن ينجو بنفسه..
لكن الغلام قضيته أكبر من ذلك, إنه يريد أن يدعو إلى الله وإن مات أو قتل...
رجع الغلام إلى الملك فأخبره بما كان من أمره فأرسله الملك في نفرٍ من أصحابه وأمرهم إذا توسطوا البحر أن يغرقوه. فلما توسطوا البحر قال الغلام اللهم اكفنيهم بما شئت فانكفأت السفينة وغرقوا ونجا الغلام للمرة الثانية. وعاد للملك مرة أخري ليخبره بما كان ثم قال للملك: إنك لست بقاتلي حتي تفعل ما آمرك به قال: وما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على جذع ثم خذ سهماً من كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل باسم الله رب الغلام ثم ارمني فإنك إن فعلت ذلك قتلتني. وفعلاً جمع الملك الناس وربط الغلام في الجذع ووضع السهم في القوس وقال بسم الله رب الغلام ورمي فإذا بالغلام قد مات فصاح الناس جميعاً ءامنا بالله رب الغلام ءامنا بالله رب الغلام.
الله أكبر؛؛ أمةٌٌ بأكملها دخلت في دين الله عزوجل, والسبب في إيمانها غلام صغير..
والأبطال من الشباب كثيرون.. فأين أنت؟ ما هو دورك في الحياة؟..
أما زلت نائماً؟ أما آن لك أن تستيقظ بعد؟ أما آن لك أن يكون لك دور في الحياة؟
إن أمتك بحاجة إليك,, إن إسلامك بحاجة إلى شبابك فقد تداعت الأمم علي المسلمين كما تتداعى الأكلة على قصعتها وليس هذا إلا لغفلة المسلمين عما خلقوا من أجله ولهثهم وراء حطام الدنيا الفانية,, ولكن أين الدنيا بما فيها من ساعة من ساعات الآخرة...
{فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ} [التوبة:38] {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ } [الروم:55] تذكر يا أخي يوم القيامة وقد وقف الخلائق بين يدي الله عز و جل وانقسم الناس إلى فريقين, فريق في الجنة وفريق في السعير.
في أي موقف ستكون؟؟ في ظلال العرش أم في لهيب الشمس؟ حدد مكانك الآن.
وارجوا ألا تخطيء التقدير.
أسال الله أن يوفقني وإياكم وصلى الله على نبينا محمد وسلم تسليماً كثيراً
محمد المهدي
طالب علم
0 comments
إرسال تعليق